البارت الرابع (مدينة النجوم)


.... وتستمر الحياة .....
مر شهران على زيارة "زمردة" لمدينة النجوم، رغم أنها
ذكرى سيئة إلا أنها انتهت بمحاولة، فأكثر شيء تكرهه أن
تكتفي بالمشاهدة.
عاقبتها جدتها لمدة أسبوعين قبل أن تعفو عنها بعد أن
توسطت السيدة "سليمة"، وأخذت عهدًا على زمردة ألا تعصي
جدتها مجددًا.
لم يحصل الكثير في هذين الشهرين. عادت زمردة
لمساعدة جدتها في تربية البط وبيعه.
كانت الحياة بطيئة والروتين هو سيد الموقف.
وعاشوا بهدوء إلا من تلك السيارات الغريبة التي بدأت
تزور القرية منذ شهر. أول مرة رأتهم "روز" كانت في طريقها
للمزرعة لجلب بعض الخضروات.
كانت سيارات )جيب( سوداء تحوم حول القرية لتتجه
بعدها نحو الجبال.
وتكرر الحادث بعد أسبوعين، حيث رأتهم يحومون مرة
أخرى حول القرية، وكانت تلك المرة أربع سيارات.
وبعده بأيام أتى طفل يصيح: لقد أتوا.. لقد أتوا.
تجمع رجال القرية، وحمل بعضهم العصي الثقيلة
واتجهوا ناحيتهم.
كانت النساء خائفات فتبع بعضهن الرجال، ومن بينهن
زمردة.
كانوا يقفون جميعهم تحت الجبل.
وهذه المرة كانت معهم آلة برتقالية اللون في رأسها مثل
الإبرة الطويلة
يدخلونها في باطن الأرض وكأنهم يقيسون عمقها.
وبعد أن اجتمعوا برجال القرية وتكلموا معهم، بدأت
السيارات في الانصراف، ومعهم آلتهم أيضا.
وبطريق العودة مرت السيارات بجوار النساء اللائي
قطعن منتصف المسافة.
كانت إحدى السيارات تسير ببطء، وزجاجها مفتوح،
وعندها لمحت زمردة رجلاً مستندًا بذراعه على النافذة. كان
تعبير وجهه غريبًا جدا.. مزيج من ألم.. وتعب.
بدا وجهه مألوفا قبل أن تتذكر فجأة أنه ذلك الشاب
الطويل الذي رأته بمدينة النجوم.
وبعد أن أبصرته هرولتْ وراءه لتعرف ماذا كانوا
يريدون،والسبب الوحيد الذي قاله شخص لرجال القرية بينما
البقية لم يخرجوا من سياراتهم.
نأسف لإزعاجكم، الآن سنذهب.
وعندما ألحوا، أجابهم أحد العاملين: نحن بمهمة سرية لا
نستطيع البوح بها، نحن نفعل ما نؤمر به، إن أردتم اسألوا
السيد، وأشار إليه في سيارته، ولكن قبل أن يصلوا إليه تحركت
السيارة بعيدًا.
بدأ الذعر يدبّ والإشاعات تنتشر بشكل فظيع، وظلّ
الناس يتساءلون ليل نهار، وأصبحوا لا همَّ لهم في جلساتهم
وأسمارهم إلا الحديث عن هؤلاء؛ من هم؟ وماذا يريدون؟
وأخذتْ امرأة مجنونة في القرية تدعي معرفة الغيب
تروّج لسلسلة من الإشاعات تقول: إنهم ما جاءوا هنا إلا لدمار
القرية وأن مصيرها الهلاك، وأنهم سيصبحون أسياد بالقرية
ويحكمونها وسنصير نحن سكانها مجرد عبيد.
دعا العمدة في ليلة قمرية سكان القرية جميعهم وطمأنهم
بأن هؤلاء ما هم إلا علماء في مهمة استكشافية عن الارض
وطبيعتها، وينبغي ألا يعترض أحد الطريق عليهم، قال هذا
بصوت هادئ مطمئن كالعادة.
وكانت زمردة تنظر إليه بكل فخر وعيناها تتلألأن، فهو
بمثابة الوالد لها، وهو والد أحب شخص لديها بعد عائلتها.
شعرت بالحنين فجأة، فهو مسافر للدراسة منذ أربع
سنين، ابتعدت عن الحشود، وذهبت للمرج القابع خلف بيت
العمدة، فكم لعبت في هذا المرج وهي صغيره مع زيد ابن
العمدة. ثم جلست تراقب النجوم الكثيرة التي تملأ الفضاء، كانت
تلك هواية زمردة المفضلة؛ فهي لا تملّ من مراقبة النجوم،
ولها معها حكايات وأسرار.
لا تعلم كم من الوقت مرّ حتى أتتْ صديقتها "روز"
وقطعت عليها خلوتها:
ماذا تفعلين؟ قالتها وهي تجلس بجوارها.
- أراقب النجوم
- إنها جميلة! وبعد صمت ثوانٍ
أذكر جيدًا عندما كنتِ صغيرة، كنت تعشقين النجوم
وتدعين أنها صديقتك.
نظرت لها: "وما زلت للآن أعشقها".
أرسلت بصرها إلى النجوم وعادت بنظرتها نحو زمردة:
"هل تعلمين كم تبعد عنا؟"
- آلاف السنين الضوئية.
- إنها مسافة بعيدة جدًا.
ردت: "إذن"
فقالت: "إذن، مهما كانت جميلة ومغرية، فلن نصل إليها
يوماً مهما أحببناها، كل ما نستطيع فعله هو مراقبتها فقط من
بعيد. وأردفتْ بسخرية: وهل رأيت يومًا نجما بالأرض؟!
- النجوم تسقط
- عندما تموت
قطبت زمردة حاجبها مصطنعة الغضب: "هل لك أن
تتخلّي عن هذا الإحباط". عم السكوت من جديد، وكانت زمردة
تستمتع به قبل أن تقاطعها "روز" مجددًا.
- أي نجم يعجبك؟
- مدت يدها وأشارت إلى نجم لامع كبير، وقالت: "ذلك
النجم!"
- لقد اخترت أكبرها.
- أعرف ولكنه هو الوحيد الذي أعرفه منذ صغري.
وبعد تأمل قالت روز: إنه يعجبني أيضًا.
مدت "زمردة" يدها تجاه النجم، وأشارت بالسبابة
والإبهام، وفرّقتْ بينهما حتى أصبح النجم في وسطهما، ثمّ
ضيقت المسافة رويدًا، فبدتْ وكأنها ممسكة بذلك النجم وقالت
بصبيانية: لقد أمسكت به، وأضافتْ بنبرة محذرة: إنه لي.

عن تجربة


ماهي "الحياة"؟!
  • إنها مجرد محاولة النجاة!
  • إنها مجرد إيجاد سبب (شخص، شيء ،أو حلم) للعيش لأجله!

لا أعلم لما يتعلّق الناس بـ "الحياة" ؟!
إنها ليست بأفضل من "الموت" !!
لما يخشون الموت ويتشبثون بـ الحياة إلى ذلك الحد ؟!


نصيحة للجميع:

  • لاتتشبث بشكلٍ مبالغ بـ (شيءٍ ما، شخصٍ ما، أو حلمٍ ما) ،أبداً في حياتك!
لأنه قد يخذلك في النهاية، ويجعلك تبدو مثيراً للشفقة !
عندها ستدرك كم كنت سخيفاً وأنت تركض وراءه!

  • يجب عليك أن تؤمن:
بأنك " كل شيء " في حياتك !
إياك أن تفكر إطلاقاً بأنك ستصبح "لا شيء" من دون(الأشياء، الأحلام، أو الأشخاص) الذين تعلقت وتشبثت بهم !
لأن حياتك لا تدور كلها فقط حولهم ! 
 أنت "كل شيء"..

البارت الثالث (مدينة النجوم)

....النصيحة الرابعة.....

"إن الشوارع خطيرة هناك خصوصًا المظلمة والضيقة؛
ففيها يجتمع القتلة والمجرمون ومصاصو الدماء، ولن تطلع
الشمس قبل أن تتحولي لمجرمة مثلهم، أو تصبحين جثة هامدة.
سرت قشعريرة بجسدها..
أووه "روز".. كل ما فعلته ربما لتخويفي.. صحيح لما
استمع لها..؟ هيه لم تزر يوماً مدينة النجوم..ثم إنه لا وجود
لمصاصي الدماء.
كم أبدو غبيَّة الآن، وضحكتْ لترتعد بعدها عندما اقترب
منها أحد الشبان.
أسرعت للتوّ إلى بوابة الشركة وادعت أنها "تالا"، وأنها
تريد مقابلة السيدة "كاثرين"، فأوصلها حارس الأمن للمصعد.
وقد أدركت وهي في الطابق السابع والثلاثين أن السيدة
"كاثرين" لن تستقبلها.
في ذلك الممر الطويل، اتكأت على الجدار ناصع البياض
بعد أن خلعت ذلك الكعب العالي ودلكت قدميها المتورمتين،
كان الهدوء سيد الموقف، أما بأعماقها فكانت هناك فكرة تتسلل
وتتغلغل: "تالا أخبرتني أن مكتب السيد "ماضي" في الطابق
الأربعين، وأخبرتني أين تضع أمها المفتاح كل يوم بعد
التنظيف، فوق علبة البريد التي بجوار الباب.
بالتأكيد إنه مهجور، لا أحد يأتي إليه، وحتى لو... لا
أعتقد أن أحداً سيأتيه الليلة؛ فالكل منشغل بحفلة رأس السنة"
قامت من مكانها واتجهت للمكتب وكأنها تحت تعويذة ما
حتى وصلت للباب الذي نقش عليه اسم السيد "ماضي"
مدت يدها وتناولت المفتاح الذهبي، ثم أدارته في الباب
الذي انفتح لها.
كان المنظر جميلاً يبهر العيون.
كانت الشقة كلها عبارة عن ردهة كبيرة مفتوحة، وكان
اللون البني هو الطاغي بفخامته.
توجهتْ للأريكة وارتمت عليها مستمتعة بالراحة التي
أحستها، وبعد أن أغمضت عينيها لم تشعر سوى بمزيد فضول
يدعوها لأن تذهب وتتصفح تلك الكتب المرصوصة على
الأرفف العملاقة والتي تشغل نصف المساحة.. كان أغلبها عن
إدارة الاعمال، وبعضها موسوعات في علم النفس، وكتب
بلغات أخرى.
- سحق ا!ُ ألم يكن يقرأ الروايات؟
ابتعدت عن الكتب باتجاه المكتب وجلست على الكرسي
الدوار الذي يتوسطه، مدت يدها باتجاه الأدراج وفتحتها، كانت
مليئة بالملفات.
الدرج الذي يتوسط المكتب كانت به ثلاثة ملفات
فسفورية اللون. أمسكت بأحدها لتهمّ بتفحصه، ولكنها لمحت
ورقة بيضاء، فأحسّت برغبة عارمة في الكتابة.. تناولتْ قلمًا
من حاملة الأقلام، وأول ما شرعتْ في كتابته كان اسم قريتها..
)قرية قوقع(.. منجم ألماس..
وأقبلتْ تكتب من جديد.. وما كانت تفعله "زمردة" ماهو
إلا طريقة أرشدها إليها السيد "ماضي" عندما أخبرته ذات مرة
بالصعوبة التي تجدها أحيانًا في كتابة المقالات التي تريد أن
تقرأها عندما تكون مذيعة، فأخبرها أنه كان يفعل ذلك عندما
تواجهه صعوبة في كتابة الخطابات؛ حيث ياتي بكلمات مختلفة
التركيب متشابهة المعنى، ثم يعيد ترتيبها لتتشكل جمل مفيدة.
وقبل أن تكتب الكلمة التي بعدها سمعت صوت مفتاح
يدور في ثقب الباب، لم يكن لديها متسع من الوقت للهرب.
فاختبأت تحت الطاولة عندما رأت مقبض الباب يتحرك.
كان قلبها ينبض بشدة، تكاد تسمع صوت دقاته. ثم شمل المكان
الهدوء إلا من وقْع خطوات تقترب منها، فكتمت أنفاسها وهي
تكاد أن تختنق، ثمّ بدأت تتنفس قليلا.. قليلا.
تلاشى صوت الخطوات، ربما جلس أو بقى واقفا؟ كل ما
كانت تتمناه "زمردة" ألا يقترب من المكتب. وفي تلك اللحظة
تذكرت أنها نسيت الورقة على المكتب.
"ماذا لو رأى الورقة سيعرف بالتأكيد أن شخصا دخل
المكتب، ما الذي سيحدث لي؟
بالتأكيد سأسجن، يا لله! يجب أن أخرج من هذا المأزق.
مدت يدها بهدوء وهي ترتجف حتى أمسكت بالورقة
وحاولت سحبها مراعية ألا تصدر صوتًا عند حملها بسبب
ارتعاشات يدها.
فتحت الدرج الذي يقع فوقها مباشرة وسحبت الورقة
بهدوء حتى سقطت، وأقفلت الدرج رويدًا رويدًا
ثم أطلقت تنهيدة ارتياح..
عاد صوت الخطوات يجوب المكتب، فأرخت رأسها
وكادت تلامس الأرض حتى استطاعت الرؤية من تحت
المكتب، كانت تريد أن تعرف إلى أين تتجه الخطوات، ولكن
صوتها القريب جعلها تدرك أنها أصبحت بجوارها.
كانت أرجله واضحة بجوار الكرسي ولو جلس سينكشف
أمرها، ولكنه ظل وافقًا دون حراك، وبعدها رفع رجله اليسرى
ووقف على رؤوس أصابعه، وبدأ ينقر الأرض بحذائه الأسود
اللامع، وكأنه غارق بالتفكير.تلاشى صوت الخطوات، ربما جلس أو بقى واقفا؟ كل ما
كانت تتمناه "زمردة" ألا يقترب من المكتب. وفي تلك اللحظة
تذكرت أنها نسيت الورقة على المكتب.
"ماذا لو رأى الورقة سيعرف بالتأكيد أن شخصا دخل
المكتب، ما الذي سيحدث لي؟
بالتأكيد سأسجن، يا لله! يجب أن أخرج من هذا المأزق.
مدت يدها بهدوء وهي ترتجف حتى أمسكت بالورقة
وحاولت سحبها مراعية ألا تصدر صوتًا عند حملها بسبب
ارتعاشات يدها.
فتحت الدرج الذي يقع فوقها مباشرة وسحبت الورقة
بهدوء حتى سقطت، وأقفلت الدرج رويدًا رويدًا
ثم أطلقت تنهيدة ارتياح..
عاد صوت الخطوات يجوب المكتب، فأرخت رأسها
وكادت تلامس الأرض حتى استطاعت الرؤية من تحت
المكتب، كانت تريد أن تعرف إلى أين تتجه الخطوات، ولكن
صوتها القريب جعلها تدرك أنها أصبحت بجوارها.
كانت أرجله واضحة بجوار الكرسي ولو جلس سينكشف
أمرها، ولكنه ظل وافقًا دون حراك، وبعدها رفع رجله اليسرى
ووقف على رؤوس أصابعه، وبدأ ينقر الأرض بحذائه الأسود
اللامع، وكأنه غارق بالتفكير.
مرتْ دقيقة بعدها بدأ صوت خطواته يبتعد وسمعتْ
صوت الباب يُقفل من جديد.
قامت مسرعة وكأن أحدًا يلاحقها، وذهبت باتجاه الأريكه
فوجدت حذاءها في مكانه يكاد يختفي تحت الأريكة؛ لذلك لم
ينتبه له.
ولمع بعينها المفتاح الذهبي: "صحيح، لقد قمت بقفل
الباب إذًا كيف استطاع... سرت بجسدها رعشه كالكهرباء
ونظرت باتجاه الباب.
"إذا لقد كان السيد نديم" تجمدت في مكانها للحظة قبل أن
تلتقط حذاءها وتخرج. أقفلت الباب وأعادتْ المفتاح مكانه.
عند وصولها الشارع، عاودتها مشاعر الخوف وظلت
تمشي دون هدى حتى وصلت لشارع ممتلئ بسيدات يقفن في
إضاءة منخفضة.
مشت بهدوء، وحين حازتها إحداهن، قالت: "هل أنتِ
جديدة؟"
لم تفهم "زمردة" ما تعنيه وابتعدت، وتلك تهمهم ببعض
الشتائم.
استوقفتها أخرى واقتربت منها وكادت تلاصقها. حملقت
فيها بشكل مريب: "ما الذي تفعلينه هنا؟"
أنا؟ لقد أضعت الطريق.. قالتها ونبرة الخوف طاغية
في صوتها"
- وأين تريدين الذهاب؟
أخبرتها أنها تريد المحطة ولكن لا مال لديها.
- إذن، أتيتِ لتكسبي بعض المال!
- هل بإمكاني ذلك وكيف؟
نظرت إليها: "هل تستغبين؟ "
لم تفهم "زمردة" مرادها، وقالت: "ماذا تقصدين سيدتي؟
"فانفجرت ضاحكة وقالت: " إذاً أنا الآن سيدتك".
تعالي معي، وانطلقت بها إلى مكان أشبه بالفندق،
وصادفها رجل يتمايل ممسكًا بيد امرأة أخرى.
كان الجو مريبًا، دفعتها لغرفة صغيرة منخفضة الإضاءة
تضمّ أريكتين جلديتين.
اجلسي! قالتها: وهي تهم بإشعال سيجارة قبل أن تجلس
في المقعد المقابل واضعة رجلاً فوق رجل، وبعد أن سحبتْ
نفسًا ونفخته ببطء شديد:
- ما الذي أتى بكِ إلى هنا؟ هل حقا أضعت الطريق؟!..
وألقتْ نظرة شاملة على لبسها.. وبهذا الملبس؟
- هل حقًا تريدين سماع قصتي؟
- )هممم.. قالتها وهي تمزمز السيجارة(
فأخبرتها "زمردة" من بداية انتشار الشائعات حتى
وصولها الحفلة مرورًا بخروجها ولم تذكر سالفة المكتب، لأنها
خشيتْ أن تسيء فهمها.
- وهل قابلته؟
- نعم.. ولكن!.
قاطعتها وهي تنظر للفضاء، لا بد أن وسامته أربكتكِ .
ماذا؟ وسامة! عن أي وسامة تتحدثين؟ يبدو أن مقياس
الوسامة لديكِ هو المال. الرجل الذي قابلته لم يكن وسيما.
قطعت تفكير "زمردة" وهي تقول: إنه فارس أحلام كثير
من الفتيات.
كان مدى توقها وحلمها به واضح جدا، ولكنه كان في
منتصف العمر، هل يعقل أنه لم يتزوج للآن؟
جاء رجل يُسرع: "لقد أتوا من جديد..
فقالت: أولئك الحثالة، سألقنهم درسًا
وأخرجت من صدرها مالاً مُجعَّدا
- خُذيه واذهبي لقريتك
حاولتْ "زمردة" أن تعرف اسمها وعنوانها لتردّ لها هذا
الكرم يومًا ما، فمن طباعها أن ترد الدين.
)دونا اسمي دونا( غمزت بعينيها وذهبت تجري للخارج.
أوقفت زمردة تاكسي وتوجّهتْ للمحطة. انتظرت ساعة كاملة
حتى أتى موعد الرحلة..
استقلتْ القطار وانطلق بها.
نظرت من النافذة، كان الظلام حالكًا. وفكرت لقد قابلتْ
أشخاصًا قساة وأشرارًا وآخرين خيِّرين.
أينما يتواجد الأشرار، يتواجد الخيِّرون.
إنها حلقة لا تنتهي.
كانت متعبة جداً واستغرقت في نوم عميق ولم تع إلا
ومحصِّل التذاكر يربت على كتفها.
- يا آنسة لقد وصلنا، ألا تريدين النزول؟

البارت الثاني (مدينة النجوم)



.... الحفل....

مضت أربع ساعات كانت "زمردة" تتجول هائمة في
الشوارع القريبة من الشركة، لم تكن تعلم إلى أين تذهب؟ وماذا
تفعل؟
ولم تكن تستطيع الابتعاد عن تلك البقعة، فهي في النهاية
لا تعرف غيرها.أوشكت الشمس على المغيب، وجلست على
أحد المقاعد خارج محل يبيع مواد غذائية، ولكن رائحة الشواء
المنبعثة من أحد المحال القريبة أفقدتها صوابها، كانت جائعه
وضائعه، كان ذلك الوقت هو الأطول بالنسبة لها. عادت لتقف
أمام مبنى الشركة، وقبل أن تهم مجددا بالذهاب، أتاها السيد
"ميسرة" وانتشلها من كل هذا مدعيا أنه سمع كل شيء حدث
عند ردهة الاستقبال، وأن قلبه آلمه عندما رأها تحوم حول
الشركة طوال اليوم أخذها معه لبيته، ووثقت هي فيه، ربما
لكبر سنه، مكثت عنده واستقبلتها زوجته وابنته بكل ود
واحترام.
وبعد ان قدموا لها وجبة شهية ، تفاجأت "زمردة" أنها
من نفس محل الشواء الذي وقفت كثيراً أمامه؟
"يبدو ان الحظ بدأ يبتسم لي" هذا ما كان يدور بعقل
"زمردة" وهي تستمع لحكايات ابنة السيد "ميسرة" الثرثارة.
تلك اللحظة لم تكن تعلم أن ما يحصل معها أكبر من
مجرد حظ..
وتفاجأتْ أكثرعندما قدم لها السيد "ميسرة" بطاقة دعوة
لحفلة رأس السنة التي تقيمها شركة المحيط والتي سيحضرها
السيد "نديم" بنفسه! فشكرتهم ممتنة وهي تنوي الذهاب. ولا
شكّ أن الامتنان وحده لا يعطيهم حقهم؛ فلقد ألبسوها بعد أن
اغتسلت فستانًا رائعًا من الحريرالطبيعي ذا لون رمادي غامق
يناسب بشرتها البيضاء وشعرها الكستنائي وكأنه أُعِدَّ خصيصا
لها، واستغربت قليلا كيف لابنة السيد "ميسرة" البدينة أن يكون
هذا مقاسها؟!. وصعقت عند رؤية ذلك المسمار الطويل على
حد تشبيهها له مثبت أسفل الحذاء بكعبه العالي.
وعانت الأمرّيْنِ وهي تهتز يمنة ويسرة لتحافظ على
توازنها في مشيتها.
قالت "زمردة" لابنة السيد "ميسرة" وهي تضع اللمسات
الأخيرة على وجهها قبل أن تذهب:
"لدي شيء يشغل بالي"
- "ما هو؟"
قالتها بتردد، وهي تشعر أنه من الوقاحة أن تسأل "كيف
استطاع والدك الحصول على بطاقة الدعوة".
- لا أعلم، قد يكون طلبها من شخص ما، فهو يعمل
بالشركة كما تعلمين.. ولكن لاتشغلي بالك بمثل هذه
الامور..الليلة ستلتقين السيد "نديم" فأخبريه بكل شيء يستطيع
مساعدتك فيه.
- "نعم بالتأكيد".. خرج صوتها وكأنها تشجع نفسها بهذا
الكلام.
مرت نصف ساعة بالطريق، كانت فيه "زمردة" هادئة
جدًا وهي تجلس بجوار السيد ميسرة في سيارته البيضاء
الصغيرة.
تحاول أن ترتب الكلمات التي تريد قولها عندما تقابل
السيد "نديم".
وصلت للحفلة وازدادت ضربات قلبها كقرع الطبول، لقد
استحوذ عليها التوتر فأصبحت يداها ترتعشان.
عند باب المدخل، ودعت السيد "ميسرة" الذي وعدها أن
يقابلها بعد ساعة في المكان الذي أنزلها فيه لتعود معه وتبيت
في ضيافته، ثم تذهب بعدها لقريتها.
التفتت للدرج الطويل وبيدها بطاقة الدعوة. صعدت
الدرج الذي توسطه سجادة فارسية حمراء قانية وهي تجاهد ألا
تسقط.
وجدت حارسان يستقبلانها عند الباب، فلوَّحتْ لأحدهما
ببطاقة الدعوة، وهي تتمنى ألا يلحظ اهتزازها بيدها فيشعر
بوجود خطب ما.
ألقى الحارس نظرة على بطاقة الدعوة وانحنى لها
احتراما، ثمّ مد يده باتجاه الباب الغارق في الضوء المبهر،
حيث كانت الإضاءة خارجه شديدة الخفوت. كان الضوء
يخطف الأبصار وما إن تجاوزته حتى شعرت وكأنها قفزت
عبر بوابة الزمن وذهبت لزمن آخر. كانت الموسيقى
الكلاسيكية تعزف، وكانت جموع الحاضرين في منتصف
القاعة ترقص بكل هدوء، وفي الطرف أشهى المأكولات تتمدد
على طول القاعة الكبيرة، وتتراص مجسمات منحوتة من الثلج.
وكان مكان وجودها المرتفع يمنحها رؤية بانورامية
للمكان، فترى كل شيء، وتود لو تبقى للأبد هناك لأنها تدرك
أنها عندما تنزل تلك الدرجات الأربع ستنضم رسميًا للمدعويين
وستشعر بأنها دخيلة عليهم.
ولكن قطع حبل أفكارها ذلك الصوت الذكوري الذي بدا
مألوفا.
- ألن تنزلي؟
نظرت لمصدر الصوت، كان ذلك الشاب الطويل الذي
رأته ذلك اليوم أمام مبنى الشركة. لوهلة لم تتعرف عليه فقد
كان متأنقا بشكل مبهر مصففًا شعره للوراء على عكس لقائها
الأول به.
ارتسمت على شفتيه ابتسامة متكلفة، ومد يده على نحو
مفاجئ جعلها تجفل محدِّثةً نفسها:
"هل يظن أنني سأمسك بيده"
عندما رأى أنها لم تتحرك قيد أنملة صعد درجتين وقال
بصوت بدا مغريًا جد اً:
- يجب أن يكون لكِ رفيق أو سيزعجك كل أولئك الرجال
الموجودين، فالمرأة بلا رفيق كأنها تقول لهم: تفضلوا
- "دعهم يتفضلون"، قالتها وهي تمر بجانبه غير آبهة
بوجوده.
ولكنه قال شيء استوقفها:
- ألا تريدين مقابلة السيد "نديم"
نظرت باتجاهه، فلمعت عيناه بنظرة نصر وهو يشير
بعينيه إلى ذراعه. لم يكن يهم زمردة ذلك، فكل ما اهتمت به
حقا هو رؤية السيد "نديم".
تعلقتْ بذراعه على مضض.
- والآن، هل يمكنك أن تدلني على السيد "نديم"؟ أخذ
يجوب بها القاعة، وفي تلك اللحظة أحست أن الأنظار كلها
موجهة نحوهما وكان البعض يهمس، قالت بصوت خافت:
- ماذا دهاهم، وهل نحن الوحيدان اللذان في الحفل
- الفرق هو مع من تمشين، وغمز بإحدى عينيه،
فاغتاظت "زمردة"، وقالت:
- مغرور
قالتها بصوت مهموس.
كانت نظرات الدهشة تلاحقهم، فضول!
كانت زمردة تبدو فائقة الحٌسن، جميلة تسحر كل من
يراها، ولكنها لم تكن مدركةً لسطوة جمالها وأثره في النفوس.
قفزت فكرة خطيرة إلى رأسها.
بالتأكيد أمشي مع فتى لعوب، وكل مرة مع إمرأة. لا بد
أنهم يقولون هذه فريسته الجديدة، لعلهم يسخرون من سذاجتي
وغبائي.
أبعدت يدها عن ذراعه، وقالت بغضب:
- ألن تدلني على السيد "نديم"؟
- ولمَ العجلة؟ ما الأمر المهم الذي لديك؟
قالها بترقب، وظل يحدّق في عينيها بفضول.
- وما دخلكَ أنت؟
- ألن تخبرينني؟
- لا أنوي ذلك، فهذا أمر بيني وبين السيد "نديم"
- هل هو أمر شخصي؟
- لم أنت فضولي هكذا؟ كفاك تدخلا .
وابتعدت عنه، يبدو أنكَ لن تفيدني بشيء، ولكن ليس
أمرًا صعباً، سأسأل أي شخص هنا وسيدلني عليه.
وفجأة أحست بشخصين يقتربان منها، أحدهما عن يمينها
والآخر عن شمالها. مشيا بمحاذاتها، وقال أحدهما:
- رافقينا بكل هدوء ولن يصيبك مكروه.
كانت تريد الصياح، ولكن انحبس صوتها دون إرادتها،
فاندفعت تهرول للأمام حتى رأت أمامها شخصًا يقدّم له الجميع
التحية.
لحظتها خمَّنتْ أنه قد يكون هو من تبحث عنه. حاولت
أن تسرع الخُطى باتجاهه، ولكن سحبها من كتفها أحد
الشخصين.
كان الأمر مربكًا، لم تنتبه لنفسها إلا وهي بالخارج.
لحظتها ترك يدها.
قالت بخوف:
- ماذا تريدان مني؟
فرد أحدهما: "اذهبي من هنا"
تراجعت بضع خطوات للوراء، وأسعدتها فكرة أنهما لا
يريدان بها سوءا.
ولكن لمَ تريدانني خارج الحفلة.
وفي تلك اللحظة أتى مجموعة من الرجال، كانوا أربعة،
وكان الاضطراب واضحًا على الاثنين اللذَيْن جلباها ولم
يستطيعا قول شيء. ظلا ينظران للأسفل في انكسار.
تقدّم لها أحد أولئك الأربعة، وقال: "يا آنسة، هل أنتِ
بخير؟"
أوْمأت برأسها: نعم!
فأكمل: "لقد سمعتُ أنك تريدين مقابلة السيد نديم"
غريبة! كيف كل من في المدينة يعرف أنني أريد مقابلة
السيد "نديم" دون أن أتفوّه بكلمة سوى )السيد نديم(.
هذا ما جال ببال زمردة تلك اللحظة.
- نعم أريد مقابلته.
- حسن اَ! اتبعيني.
ظلت تمشي خلفه، حتى وصلا لسيارة كبيرة سوداء
مظللة. عندها انتابتْ "زمردة" بعض مشاعر الخوف، وارتفعت
عيناها دون سبب محدد.
تجوّل في الشارع المقابل، وهناك رأته.. ذلك الشاب
الطويل يقف في الظلام ينظر تجاهها. لم تتبين ملامحه ولكنها
تكاد تجزم أنه هو.
- يا آنسة أرجوكِ اركبي.. نظرت لثانية، وحين أرسلتْ
بصرها للشارع كان قد اختفى!
انفتح الزجاج الخلفي للسيارة، وأطل منه ذلك الشخص
الذي رأت الجميع يحييه بالحفلة. كان هذا كافيًا لأن تثق به
وتركب معه.
- بلغني أنك تريدين محادثتي.
حكتْ له كل شيء دون توقف. وأثر ذلك على قرية
"قوقع" وأنه حُلم والده.. إلخ. وهو صامت يستمع، ولمّا توقفت
ولم يعد لديها ما تقوله.
صمتَ طويلا، ثمّ قال: "هكذا إذن".
طول حديثها كانت "زمردة" ترى ارتسامات خيبة الأمل
على وجهه، ولكن عندما نطق بتلك الكلمة تأكّدت دون شك أنه
يشعر بخيبة الأمل. لا تعلم ما الذي توقعه.
ثم أردف من جديد: "أقدّر لك تكبد عناء مقابلتي، وأعتذر
إن كانت بتلك الصعوبة.. ويؤسفني أن يكون كل هذا العناء بلا
فائدة.
- ولكن، سيدي لمَ بلا فائدة؟ كل شيء بيديك
قاطعها بحدة "لا أستطيع مساعدتك، لقد تقرر الأمر ولا
رجعة فيه"
- ولكن، سيدي.. أرجوك!
هذه المرة قالها بنفاد صبر: "كفاكِ، ألا ترين أنك
تزعجينني، لقد نفدت قُدرتي على تحمل هذا الهراء.
ثم تساءل بسخرية: كم عدد سكان تلك القرية؟
-.... هاه
-أنتِ الثالثة التي تأتين إليّ كم عليّ أن أستقبل بعد..؟!
وأكمل:
لا بد أن كل مواطني شعبك هكذا، هل امتهنتم هذا
الأسلوب، أم أصبح عادة لديكم؟
لا أفهم لمَ لاتوفرون هذه الطاقة للعمل وقضاء حوائجكم
بأنفسكم دون اللهاث ورائي؟
ألا يوجد لديكم أحد غيري؟!
بدتْ أنفاسه غير مستقرة، كان انفجاره مبالغاً فيه،
ربما أزعجه شيء آخر، وقرر أن يخرج غضبته على
تلك المخلوقة؟
كانت تنظر له بذهول وقد ألجمها غضبه.
- اغْرُبي عن وجهي، ولو رأيتك مرةً أخرى أقسم أنني
سأجعلك وأهلكِ يتندمون، والتفت للسائق، وأمره بالتوقف..
انفتح باب السيارة، فخرجت مسرعة وسمعته وهو يقول:
- ذلك الكلب هل يعبث معي؟
وجدتْ نفسها وحيدة في أحد الشوارع لا تملك شيئا، ولا
تعرف مكانًا تذهب إليه، مع أن السيد "ميسرة"
وعدها أن يقلها من الحفل، ولكنها الآن لا تعلم أين
موقعها من الحفل أو من بيت السيد "ميسرة".
المحل الوحيد الذي كانت تعرفه هو "شركة المحيط"،
ولكنها لم يعد لديها مال لتذهب هناك.
نظرتْ إلى الخاتم الذي ترتديه، "لقد كان لأمي قبلي، هذا
ما قالته جدتي عندما أعطته لي يوم تخرجي في الثانوية. فهو
ثمين جداً جد اً وعليّ ألاّ أفرّط فيه مهما كان".
ركبتْ مع السائق، وطلبت أن يوصلها إلى الشركة،
وفورًا بدأت تفكِّر في كيفية السداد وعند وصولها.
عرضتْ عليه الخاتم ليأخذه كرهن لديه وأن يعطيها
عنوانه، ثم يعيد لها الخاتم عندما يستعيد ماله. ولكن ذلك لم يرق
لسائق الأجرة؛ فأخذ يغمغم بكلمات، لقد خدعتني أيتها الصغيرة،
وذهب رغم توسلاتها، دون أن يأخذ الخاتم، أو يعطيها العنوان.
وقفت أمام شركة المحيط المقفلة، ويا للمفاجأة أصبحت
تشعر بالأمان، وتساءلت في نفسها:
وهل الحيطان أصبحت أكثر أمانا من البشر في هذه
المدينة؟
واستغرقها التفكير، حتى الأن لا أفهم حقا ما قصة ذلك
الشاب الطويل؟ لقد كان فضوله مريبًا، ثم لمَ تبعني خارجا؟
ومن هم أولئك الذين أخرجوني مرغمة من الحفل؟ بل
من أولئك الذين أنقذوني؟ ثم حال السيد "نديم".. إنه تماما كما
وصفوووه، آآآآآآآه يكاد رأسي أن ينفجر.
حاولت نسيان الأمر، وظلت تحدِّق في المبنى الذي
أمامها.
لم يكن كله مكاتب، فمن الطابق الثلاثين تبدأ الشقق
السكنية، وأغلب المقيمين هناك من موظفي الشركة، بل حتى
السيد "ماضي"- رحمه الله- كانت له شقة كبيرة، ولكنه حوَّلها
لمكتب، وكان يجلس فيها دوما عند اتخاذه أصعب القرارات.
هذا ما قالته "تالا" ابنة السيد "ميسرة" عند ما كانت تثرثر، فلقد
كانت تحكي كيف أنها كانت تذهب مع والدتها التي تعمل خادمة
لأغلب الشقق هناك، وكيف تبدو تلك الشقق بالغة الروعة
والفخامة. كما حكت لها عن السيدة "كاثرين"، وكيف أنها امرأة
عجوز مجنونة تعيش مع قططها السبع، ويشاع أنها ساحرة.
كانت السيده "كاثرين" غير اجتماعية، تخاف من كل
الناس، ولا تسمح لأحد أن يدخل بيتها؛ لذلك أعطت حراس
المبنى قائمة بضيوفها والأشخاص الذين تسمح بزيارتهم لها.
تذكرت بوضوح "تالا" وهي تقول: لقد وضعتْ اسمي
ضمن قائمة زوارها، لأن قططها أحبتني.
وبينما هي تفكر شاهدت مجموعة من الشبان ينظرون
إليها بريبة، وهنا تذكرت النصيحة الرابعة من نصائح "روز"
فالأخيرة أعطتها خمس نصائح قبل ذهابها بحكم أنها أكثر فهمًا
منها في هذه الامور على حد قولها.

البارت الأول (مدينة النجوم)

..... اللقاء .......

كانت أحوال قرية قوقع لا تسر، فبعد انتشار شائعة

وقف مشروع شرق عدن، ها هو الأمر يتأكّد بالنهاية؛ فجميع

البنائين أخذوا حمولتهم وذهبوا، وبقي البناء غير مكتمل،

وتحطمت نفسيات سكان القرية، فهم لا يملكون مالاً ليكملوا به

المشروع، ودون دعم من السيد "ماضي" يغدو الأمر مستحيلا .

والآن بعد وفاته أتى ابنه ووريثه السيد نديم وأمر بوقف

كل أعمال الخير التي كان يفعلها والده بقرية "قوقع".

كان السيد نديم يتمتع بسمعه سيئة تسبقه، فهو متعجرف،

لا يرى أحدًا أمامه، ولا يهتم سوى بمصالحه.

ذهب عمدة قرية قوقع السيد"عاطف" لمقابلته ليتكلم معه

في الأمر، فرفض أن يستقبله، وطلب من سكرتيره أن يكذب

ويقول: إنّه في رحلة عمل.

فآخر ما ينقصه أن يتعامل مع مسن قروي، شحّاذ في

نظره؛ فأي شخص يأخذ شيئاَ دون أن يعطي في مقابله أشياء

فهو شحّاذ بالتأكيد.

أوصدتْ جميع الأبواب في وجه سكان قرية قوقع،

وانتهى الأمر بكبارهم.

في اجتماع طارئ عند السيد "مصباح" حكيم القرية،

أخذوا يفكرون في حل بديل.

شاء القدر أن تحضر هذا الاجتماع فتاتا القرية: "زمردة"

و"روز" دون دعوة. وهناك سمعت "زمردة" جدتها وهي تقول:

"هذا حلم السيد ماضي، لقد قال هذا لي. إنّه حلم بهذا منذ زمن

بعيد"
فرد العمدة اليائس: "ولكنه الآن مات".

"وهل هذا يعني أنه يجب أن تموت أحلامه وأمانيه

أيضا؟!".. التفت الجميع لمصدر الصوت.

تنهّدت الجدة بصوت خافت: "زمردة"! كانت "زمردة"

تقف خلفهم، ثم واصلت كلامها "لا يمكن أن أصدق كم هو

أحمق وأناني ذلك الابن. لقد كانت تلك رغبة والده – رحمه الله

-.... سيدي يجب أن نفعل شيئ اً".

- لا يوجد ما نفعله.

إذن، الأمر انتهى.. قالتها السيدة أمينة وأجفلت عند سماع

حفيدتها وهي تقول:

- مستحيل لن أسمح بهذا.. سأذهب لأقابل السيد نديم،

وسأقنعه بالعدول عن هذا الأمر.

- ومن قال إني سأسمح لك بالذهاب؟ قاطعتها السيدة أمينة

بغضب:

- "جدتي"!.. قالتها متوسلة.

- أيتها الصغيرة: ألا تعلمين كم هي مخيفة مدينة النجوم،

وكم هم مخيفون سكانها، لن أسمح لك بالذهاب، والآن هيا معي.

أريد منك أن تُنزهي البط. وتمتمت وهي ذاهبة بصوت

غير مسموع: "لقد وعدتهم ألا تطأ قدماك تلك المدينة مجدد اً".

ذهبت خلف جدتها، ولكنها ما لبثت أن عادت للبحث عن

صديقتها "روز" بالقرية بعد أن عهدت لأحد سكان القرية مهمة

تنزيه البط، وقالت ل "روز" المشغولة بتنظيف حظيرتهم:

- يجب أن أذهب لمدينة النجوم وأقابل السيد نديم.. لا

يصح ما يفعله بنا

نظرت لها روز بعصبية: "لمَ أنتِ عنيدة هكذا؟ ألا تعلمين

أنه شاب متعجرف لن يستمع إليك؟

- لا يهم.. سأذهب وأحاول والآن أريد منك أن

تساعديني.

وبعدها عادت "زمردة" للبيت وأخذت كل ما في

حصالتها من مال، بعد أن تركت رسالة لجدتها، وأعطتها ل

"روز" وكان نص هذه الرسالة:

-جدتي، أنا حقا آسفة، لأنني لم أستمع لك، ولكنني لن

أقف مكتوفة الأيدي وأنا أرى السيد نديم يأخذ كل شيء منا. لا

تقلقي عليَّ سأعود قريبًا.. أحبك.

اتجهت "زمردة" لمحطة القطار،

فهو الوسيلة الوحيدة

المتوفرة للسفر لمدينة النجوم.

قالت تحدِّث نفسها وهي على متن القطار " الآن سأذهب

لمدينة النجوم "، كانت تشعر بقليل من الحماس يشتعل بداخلها؛

فلطالما كانت هذه المدينة الحُلم الجميل لكل سكان القرية، بل

لكل سكان الكوكب؛ فالجميع يذهب إليها بحثاً عن أحلامه وعن

الحرية التي يسعون للحصول عليها.

وبالرغم من كثرة المهاجرين إليها، فإنهم – غالبًا - ينتهي

بهم الأمر لأن يصبحوا عبيدًا لسكان مدينة النجوم الأصليين.

ولم يستطع أي قروي النجاح هناك غير حالات بسيطة

نادرة، فالعنصرية هناك كبيرة، بل إن سكانها يرون أنهم

ساميون ومختارون منذ ولادتهم، وأي أحد غيرهم فهو لا

شيء..!

ورغم هذا يهاجر الآلاف لها طمعاً في حياة تشبه تلك

المزعومة في القصص الخرافية، فجميعهم يتمنى أن يتحول

لسندريلا، دون سبب مقنع سوى ما تنسجه أحلامهم التي

سرعان ما تنصدم بالواقع.

زمردة مثلهم، لديها أحلام كبيرة، ولكنها لم تفكر يوماً

بالهجرة، بل كان حلمها أن تصبح أشهر مذيعة في قريتها.

وهذا الحلم لديها يساوي العالم كله، فقد كانت ترى أن

قريتها أولى بصوتها. وقد أوشك هذا الحلم أن يتحقق عندما

وعدها السيد ماضي أن يبني لها إذاعة بداخل مبنى شرق عدن،

وأن يصل صوت هذه الإذاعة - لو أرادت -لجميع سكان

الكوكب. وكان جاداً في وعده..! لولا أن وافته المنية، وخلفَه

ابنه "نديم"، فسلب منها تحقيق هذا الحلم.

لمعت نظرة حزينة بعينيها وهي تراقب المنظر مع

النافذة، كانت تجلس بالاتجاه المعاكس لمسير القطار، فأصابها

الدوار وهي تنظر للأشياء وكأنها تعود للوراء. ولكن كان هذا

كافياً بأن يجعل ذاكرتها تعود لذلك اليوم الذي بدأ فيه كل شيء.

الكل سعيد، تلك الابتسامات المشرقة ورنين الضحكات مازال

في مخيلتها.

كان يوماً عادياً وقتها، ولكن تراه "زمردة" – الآن- يومًا

غاليًا لن يتكرر. الكل يرقص فرحاً، فالحلم أصبح حقيقة

وسيبنى شرق عدن هذه الدار التي ستحتضن كبار القرية،

وفي الوقت نفسه ستوفر فرص عمل كثيرة لشباب القرية.

وفكرتْ كم سيكون المبنى جميلا بذلك التصميم البديع!

كان المبنى مكونًا من طابقين وحديقة كبيرة تلتف حوله؛

الطابق الأول ستكون به ردهة استقبال كبيرة تحيط بها خمس

غرف: واحدة للرسم، وأخرى للعب الماهوني وهي اللعبة

المفضلة لكبار القرية، وغرفة الطعام، وغرفة الدكتور المسؤول

والمخزن.

يتوسط الردهة درج حلزوني كبير وفي الأعلى غرفُ

النوم لسكان الدار.

وسيكون هنالك مبنى آخر صغير يربطه بشرق عدن ممر

طويل، وهو المبنى الرئيسي للإذاعة.

"لقد رسمتْ كل شيء مع السيد ماضي - رحمة الله- ذلك

الرجل الكريم، لقد كان سببًا في سعادتنا أوقاتا كثيرة..لقد كان

الأب الحاني لجميع أبناء قريتي، لقد اختارني لأرسم معه ذلك

الحلم..لقد كان طيباً جداً معي ولقد أحببته،وكم تألمتُ عندما

علمت بوفاته.

والآن لن أسمح لأحد أن يلطخ تلك السمعة الطيبة، أو

يكسر كلمته. ليس في وجودي"...

لمعتْ نظرة مليئة بالكراهية في عيني "زمردة" عندما

تذكرت السيد "نديم" سبب كل تلك المشاكل.

"من الأفضل أن يكون كل هذا سوء فهم، وألا تكون بتلك

الحماقة فعلا "

أعزائي المسافرين: اقتربنا من المحطة الأخيرة، وهي

مدينة النجوم، آملين لكم قضاء أسعد الأوقات فيها. كان الصوت

أنثويًا أتبعتْهُ موسيقي صادرة عن مكبر الصوت، فقطعت عليها

حبل أفكارها لتلتفت حولها. كانت الابتسامات تعلو وجوه

الركاب "بالتأكيد فهم في مدينة النجوم، تلك المدينة التي تتحقق

فيها الأحلام، مدينة الأبطال..المشاهير والأثرياء. لابد أنهم

جميعهم أتوا باحثين عن أحلامهم وحريتهم.. "لا بد أنهم أتوا

ليصبحوا نجوماً أيضاً؟"

تفاجأت "زمردة" بالأعداد الهائلة من الناس، وعندما

خرجت للشارع الرئيسي وجدت قافلة من السيارات صفراء

اللون تقف.

لم تر "زمردة" في حياتها سوى سيارتين: الأولى شاحنه

صغيرة لدى عمدة القرية، والأخرى شاحنة كبيرة لدى العمة

"سليمة" لتنقل فيها الحصاد والبقر عند ذهابها لبيعهم.

وقبل أن تمد يدها لتشير إلى التاكسي توقّف أمامها،

أخبرته بوجهتها فانطلق.

كان كل شيء جديداً بالنسبة لها، فأول مره ترى جسرًا

بهذه الضخامة، وكأنه معلق بين السماء والأرض

"إنه حقاً شيء جميل"

كانت قمم المباني تتراءى لها من بعيد، قالت للسائق

بصوت مليء بالحماسة:

- هل أوشكنا على الوصول؟

- لا يا آنسة، فالمكان لا زال بعيد اً.

أشارتْ له بيدها: "أليست تلك هي؟"

هز رأسه موافقاً "ولكنها بعيدة، ما ترينه الآن هو قمم

ناطحات السحاب، المباني العالية.

قالت منبهرة: "أوووه وهل حقاً تلامس السحاب؟!"

التفت إليها بوجه مبتسم قائلا : "أول مره لك هنا"؟

- وهل يبدو عليّ ؟

هز رأسه بالإيجاب، فهي ليست أول شخص تفضحه

تساؤلاته، فقد قابل كثيرين قبلها وأصبح خبيراً في تخمين

الأمر، ولكنه لم يستطع تخمين سبب قدومها رغم خبرته، فلم

تكن مثل تلك الفتيات الفضوليات اللائي يسألنه عن كل شيء،

بل إنها كانت تعرف وجهتها جيداً، وهذا أمر نادر لشخص

يزور المدينة لأول مرة.

واضطره فضوله لأن يسألها: "وما الذي أتى بك إلى

هنا؟"

- أتيت لأقابل شخصا ما.

كانت إجابة ناقصة لم تزد فضوله إلا تعطشًا للمزيد،

ولكن "زمردة" تجاهلت ذلك وظلت تنظر من النافذة.

كان أول شيء لفت انتباهها عند دخولها المدينة هو تلك

الجموع الغفيرة من الناس.

- يا الله! لقد اعتقدت أنني رأيت جميع سكان المدينة في

محطة القطار.. إنهم فعلا كثيرون كأسراب النمل.

كانت المباني عملاقة، تطفو قممها فوق السحاب، وكانت

تشعر بنفسها تتضاءل أمامها.

توقف سائق الأجرة وأشار لها نحو الشارع المقابل:

"هناك يا آنسة، استمري في المشي وستجدين شركة المحيط.

إنه مبنى كبير لن تخطئيه".

ومد يده ليأخذ أجرته، لم تكن تتوقع "زمردة" أن تكون

الأجرة مرتفعة بهذا الشكل، لقد أخذت أموال حصالتها كلها.

وكانت ترى فيها ثروة عظيمة، وهي الآن تتكتشف أن

هذه الثروة لا ترقى لكلفة توصيلة واحدة، أعطته كل ما معها

وهي تهذي بتساؤلاتها الغاضبة: "كيف سآكل؟ وأين سأسكن؟ لا

يوجد لدي شيء، كان علي أن أقترض بعض المال.

كان السائق يستعجلها بالنزول، فأبواق السيارات تتعالى

من خلفه، وتوقفه جعل السيارات تتكدّس وراءه تتعجَّل المرور.

نزلت بسرعة، وانغمست في أفكارها، ابتعدت ثم اختفت

بين السيارات الكثيرة:

"حسناً لن أقلق سأقابل السيد نديم. مؤكد أنه سيعاملني

جيد اً.. لم أنسَ كيف كنا نستقبل بالاحتفال والترحيب كل ضيفٍ

من ضيوف مدينة النجوم.. كنا نقيم لهم الاحتفالات ونذبح

الذبائح ونعدّ الولائم ونغني المواويل، بل كنا نفرش الأرض لهم

بالورود ونفرح لخدمتهم، ألا ننتظر منهم أن تكون معاملتهم

بالمثل؟!

شددت على قبعتها المصنوعة من الخزف، والتي تراها

جالبة للحظ، فكانت تأمل أن يحالفها الحظ السعيد، ومدت يدها

لتأخذ حقيبتها، ولكنها ارتعدت

- حقيبتي!

أين هي؟ لا أصدق، أين اختفت؟!

تذكرت لحظتها أنها لم تخرجها معها من التاكسي فقالت

بعصبية:

- هذا ما كان ينقصني، أصبحت الآن حقاً لا أملك شيئ اً.

ولكن تذكرت وقالت وهي تبتسم بثقة: "لعلي أكون

مخطئة، فمازلت أملك السيد نديم"

ظلت تمشي حتى ظهر لها ذلك المبنى الكبير، وقفت

أمامه مبهورة.

يا إلهي، ما أروع هذا المبنى الضخم بارتفاعه الشاهق،

إن كل المباني العملاقة التي شاهدتها في طريقي تتضاءل أمامه

فكأنّه العملاق في صحبة الأقزام!

كانت ترى نفسها كنملة صغيرة، المبنى كله مكسوٌّ

بالزجاج الملوّن، ويقف أمام مدخله مجسم كبير لشخص يحرّك

يديه مشيرًا إلى مدخل البناية.

تقدمت ببطء أمام الباب الزجاجي فانفتح لها عندما

اقتربت.

دخلت "زمردة"، وهي تشعر أنها تائهة في تلك القاعة

الكبيرة، كان هنالك من يرمقها بنظرات غريبة.

لم تكن تعلم أن السبب هو ذلك السروال السندبادي

الأسود والقميص الأخضر، وتلك القبعة الخزفية التي ترتديها

حاولت أن تتجاهل تلك النظرات والهمسات، وذهبت

باتجاه مكتب الاستعلامات.

استقبلتها فتاه أنيقة مرتبة ترتدي تنورة سوداء تصل

للركبة وجاكيت أسود، وبادرتها قائلة:

- بماذا يمكنني أن أخدمك يا آنسة؟

كان صوتها لبقا جميلا لم ترفع فيه نوتة واحد

- "أريد مقابلة السيد نديم" وبدا في صوتها بعض

الارتباك

- هل لديك موعد مسبق..؟

- لا.. ولكن

قاطعتها:

- آسفة، يجب أن يكون لديك موعد مسبق.

قالت متوسلة: "ولكنني أتيتُ من بعيد"

ردت ببرود: "هذه ليست مشكلتي يا آنسة"

كانت ترفع رأسها، وكأن هنالك حبلا مربوطا بأنفها

يشدها للأعلى

- حسن اً.. أريد موعدًا

ابتسمت بسخرية واضحة "يجب أن تأخذي موعداً من

مكتبه الخاص وليس من هنا"

- ولكني لا أعرف أين يقع مكتبه الخاص

اعتذرت بلباقة: "أنا أسفة لا يمكنني خدمتك"

"إنها وقحة كانت ملامح السخرية منها واضحة، ولكن لن

أجعل وقحة مثل هذه تفسد علي خططي"

- أعتزم مقابلة السيد نديم ولن أذهب حتى أقابله. كان

صوتها عاليا قليلا.

رمقتها موظفتا الاستعلام بتلك النظرة التي تدل على أن

من تقف أمامهم مختلة.

فنظرت إحداهما لشخصين ببذلة سوداء رسمية وفهمت

"زمردة"

أنها ستطلب منهم أن يخرجوها..

كان لابد أن تتصرف بسرعة، فقالت بتوسل "أرجوك يا

أنسة، يجب أن أقابله. لقد أتيت من مكان بعيد، لا أستطيع العودة

دون أن أراه".

كان الحارسان قد أمسكا بكتفيها، وأخذا يجرانها خارج

المبنى، وهي تصيح "أرجوكم، إنه أمر مهم".

وبعد أن قذفا بها بكل قسوة خارجاً، كانت تنفض الغبار

عن ملابسها التي اتسخت من سقوطها عندما سمعت صوتا ذكورياً من خلفها فأجفلت.

- ماذا تريدين منه؟

كان صاحب الصوت رجلاً طويل القامة، قوي البنية، أما

وجهه فبارز القسمات غطت نظارات شمسية عينيه فودّت لو

ترى تعبيرهما، لاسيما أن ابتسامته عكست رهافة إحساس. وبدا

لها من ابتسامته أنه يستلطفها ويستغربها في آن معاً.

حملقتْ لثوانٍ، قبل أن تنطق ببلاهة:

- من..؟

- نديم.. أقصد السيد نديم

- آآه.. أريده في شيء مهم

صمتَ هُنَيْهَة وهو يتفرس وجهها قبل أن يقول:

- أخبريني، قد أستطيع مساعدتك

مساعدتك؟.. دوّت تلك الكلمة في عقل "زمردة" وتردد

صداها

وقالت تحادث نفسها: "هذه هي الكلمة التي حذرتني

"روز" منها، وهي تودّعني.

لقد قالت "روز": إن شباب تلك المدينة أولئك الأبناء

المدللين، احذريهم جيد اً

فهم يصطادون ضحاياهم بكلامهم المعسول، وابتسامتهم

الساحرة، وأول كلمة ينطقونها:

هل تحتاجين لمساعدة..؟

إنهم في الحقيقة ذئاب مسعورة، لو تجاوبت معهم

سيخطفونك ولن يمنعهم أحد.

لذلك كررت "روز" هذه النصيحة مرتين.

إن واجهتِ أحدهم فاهربي قدر استطاعتك، وإن لم

تستطيعي، اصرخي بأعلى صوتكِ .

رمقت "زمردة" الشاب بنظرة متفحصة، وقالت في

نفسها: "إنه تماما كما قالت، مدمرٌ في وسامته، يبدو ثريا ببنطلونه الأسود وقميصه الحريري الأبيض،

وسترته المخملية

الرمادية التي كانت تماثل لون عينيه الفولاذيتين.

تلك الإبتسامة، إنها تماما ما حذرتني منها "روز"؛

ساحرة جد اً.

"ابتعد عني"، صرختْ في وجهه وهي تتراجع خطوات

للخلف وأكملت "لو اقتربت للأمام خطوه واحدة سأصرخ بأعلى

صوتي".

تراجعتْ القهقرى وهي تنظر إليه قبل أن تُسرع هاربة

ودون أن تنبس ببنت شفة تركته خلفها متعجب .

نبذة عن رواية مدينة النجوم

نبذة عن رواية مدينة النجوم :

تخيل ان تنسى يوما الباب مفتوح بدون قصد

لتجد ان كل ما بالبيت سرق

تخيل ان ترمي عود ثقاب اشعلته ظنا منك انه انطفأ لتعود وتجده حرق

مدينة بأكملها

ان بعض الاخطاء غير المقصوده تكون مدمره بنتيجتها

بهذه الرواية نجد خطأ ترتكبه البطله بغير قصد

ويرينا كيف يمكن للخطأ ان يكون مدمر وكيف يكبر دون ان نشعر

رواية مدينة النجوم

سأكتب رواية مدينة النجوم كاملة على هذه الصفحات وكل يومين سأضع بارت 

لا تحزن



..لا تحزن .. !
إذا ابتعد عنك أعز أصدقائك ولم يوضحلك الأسباب .. 
فهو من خسرك وليس أنت.. !!
هكذا هي الحياة مزيج من الحب.. الفراق .. الفرح ..
الحزن .. الابتسامة .. الدموع..
فلنحاول بكل ما نملك من قوه التماسك ضد الظروف التي تساعد على دمارنا وتحطيمنا.. !
فالحيــاة أجمل من أن نقضي ما تبقى من العمر نذرف الدموع على من فقدناه..
وفي المقابل هو لا يحسب أي حساب لتلك الدموع المتناثرة.. !
الابتسامــــــه أقل تكلفه من الكهرباء
ولكنها أكثر أشراقـــــــاً



مَـا خُلِقنا لـِ نَفشل !





يجب أن نثق أننا ما خُلِقنا أبداً

لـِ نفشل !

أو لـِ نحزن !
أو لـِ نكُن أُناس بِلا هدف !
يجب أن نثِق أن وجودنا ليس صُدفه
و ليس رقماً فّحسب ..
وجودنا لِحاجة !
أنا موجود : لإن الكون يحتاجني ,
و لأن الله مازال .. يمُد فِي عُمري كُلَ صَباح

لِـ أنال نصيبي مِن الطاعة و الفرح و الإنجازات
ثِقتُنآ بِالله فوقَ كُل شيء , وأي شيء
هو سِر سعادتنا , وتفوقنا 
د. سلمان العودة =)

!!!!!!!!


بسم الله الرحمن الرحيم …
السلآم عليكم ورحمة الله وبركــاته // ~
……………………… تحيــة طيبة ،
إختفَـاء سَـاعتيْ ، نَفاذ حبرِ قَلمي ، بَحة فِي صوتي ، تَحطمُ نَظارتِي ، وَ مضيْ مَوعدِ الحَــافِلة !
مَـا أقسَى أنْ تُعانِدنا حَتى أشياؤنا الصَغيرة !

إفعل مَـا تَخاف أن تَفعله




بسم الله الرحمن الرحيم ،
السلآم عليكم ورحمة الله وبركاته ..
………………………………………………….. تحايا طَيبـــة 


ارجو أن تكون أيامكم مليئة بالسعادة 

إفعل مـا تخاف أن تفعله "
من أنجح الطرق التي تهزم خوفنا .. هي مواجهته ..
ومن أهم الأسباب لـ هزمه .. هي أن تتخلص من نقطة ضعفك ، ولكي لآ تشعر – أبداً-  بأنك مقيد من ناحية معينة بسبب خوفك !
عندما يـتشبع عقلك الباطن بفكرة الـخوف من شيء ما ، يدمنها ..
تكون الحلول المعتادة فاشلة ، ويمضي هو يستمع بالخوف ، وّ يعيقك عن أي طريق لتجاوزه
فالفشل يبدأ عادةَ كـ مخلوق صغير جداً ، يبدأ يكبر شيئاً فـشيئاً  ، كلما أطعمناه فكرة سلبية !
ولكن ماذا لو داهمنا الوقت .. وَكبر مخلوقنا الصغير اللطيف الشرير كثيراً  ؟؟
ماذا نفعل ! ؟
المواجهة هي الحل "
علينا عندها أن نقف أمام هذا الوحش الصغير .. ونواجهه ..
- إن كنت تخاف الظلام ..
جرب مرة ، مرتين .. – بالتدريج – النوم في الظلمة 
- الخوف من مواجهة الجمهور .. إذا عرضت عليك فرصة الوقوف أمام جمهور .. أقبل بدون تفكير ، لآ يهم كيف يكون تقديمك ، المهم أن تكون قد تغلبت على جزء صغير منه ..
- الخوف من ابداء الرأي .. كلما طرحت امامك فرصة نقاش ، تناقش ، قل كل ماتملك ، وَعبر عن كل ماتريد قوله ، تخيل أنك وحدك وتكلم بكل أريحية
- الخوف من الفشل .. لن أقول لك هنا " إفشل " فليس هذا الهدف .. لكن ان فشلت – رغم انني لا اعتقد بوجود الفشل وسأتحدث عن ذلك في تدوينة خاصة  – فـعليك أن تستمع بفشلك ، وتستخلص فوائده .. وَ أن تتعلم كيف تتخطاه في المرة المقبلة ..
- الخوف من الـ ـ ـ ـ ـ وَ الـ ـ ـ ـ ـ والـ ـ ـ ـ ـ  ..  أياً كان واجهه !!
ماذا يحدث عندما نواجه خوفنا ؟
عندما نواجه خوفنا ، فإننا نبدأ بـ إدخال هذه التجربة – المخيفة – الى مساحةَ طمأنينتنا ، ومن الطبيعي جداً أن يبدأ عقلنا الباطن بـ الدفاع عن هذه المحمية ، فـ يحاول بشتى الطرق دفعك عن هذه المواجهة ، فهذا الخوف – خطر يهدد مساحتك !
وَ بالطبع بـ نفس فكرة قصة الدجاجة وعنق الزجاجة  .. نحن من أدخلنا هذا الخوف في نطاق المحظور ، ونحن من سيخرجه .. =)
بالتدريج سيتقبل عقلك هذه الفكرة وسيسمح لها بالدخول لمساحتك الخاصة :)

ماهي مراحل التغلب على الخوف ؟؟
في المحاولة الأولى : سيستحظر ذهنك جميييع الاحتمالات – المخيفة – التي تحدق بك في حال قمت بهذا العمل – المخييف – ، سـ يجعلك تفكر بكل احتمالات الفشل والإحباط والـألم المنطقية منها والـغير منطقية ! ستصدقه في البداية وستحاول الإنسحاب .. لكن إستمر :)
في المحاولة الثانية : لن يتلاشى خوفك ! سـ تستحظر تلك الإحتمالات المخيفة لكنك سـتسبعد الـغير منطقيه منها ، .. ستبقى خائفاً .. وستستمر :)
في المحاولة الثالثة : لآ يزال هناك بعض الخوف ، لكن التجربتين السابقتين ستهونان الموضوع ، سـ تفكر أولاً بـالامور السلبية التي حدثت ،لكنك ستستحظر المتعة التي شعرت بها عند قيامك بذلك ، او المتعة بعد ذلك ، أو السعادة التي شعرت بها لآنك انجزت ذلك  ، لذلك ستحاول التغاضي عن الأفكار السلبية .. وَ تستمر بالـتفكير بإيجابية .. وتستمتع :)
في المحاولة الرابعة والخامسة والسادسة : سـ تهزم ذلك الـوحش الصغير .. وستعيده إلى منفاه .. وتواجه غيره وغيره .. لتشعر بـ قوتك وَ تتحدى ذاتك ، وتنجح :)
ماذا يمكنني ان أفعل خلال محاولاتي ؟
- الإعتماد على الله سبحانه \ قبل كل شيء .. شيء بديهي !! :)
أطلب مساعدة أصدقائك : عائلتك  \  .. عندما تخبرهم عن محاولاتك ، فصدقني سـتنجز بـشكل أفضل ، فـلن تكون وحدك الذي ترسل رسائل ايجابية أو تشجيع ، فهناك الكثير يهتف لك:)
كافئ نفسك بعد كل محاولة\  .. مهما كانت نتيجتها .. إفعل أي شيء يشعرك بالسعادة – حاول الا تقوم بذلك الشيء الممتع الا بعد محاولات التغلب على الوحش الصغير :)
إيجابي .. إيجابي .. إيجابي \ كن إيجايباً ، واثقاً بنفسك ، مردداً بأنك " قدها " =) لآ تنقص من نفسك أبداً ابداً ابداً ، كن معجباً بذاتك وبكل ماانجزته =)
لآ تكن كسولاً \ لآ تطيل المدة بين كل محاولة وأخرى ، فـ إن كانت الفترات متباعدة ستغدو كل محاولة وكأنها الأولى !
تنافس مع نفسك \ حدد لنفسك يوماً محدداً ، وتاريخاً محدداً .. لتكون فيه قد تغلبت على خوفك تماماً ! ضعه في مكان بارز تراه يومياً ، ليذكرك بذلك .. – تذكرك بحد ذاته طريقه للـمواجهة – :)
تنافس مع الأخرين \ اذا كنت تخاف من شيء ما ، وتعرف شخصاً يعاني من ذات المشكلة ، تنافسا في ذلك ، فـ المنافسه حافز ممتاز :)
لا تتحطم \ حتى لو لم تسر الـخطة بشكل جيد ، حاول مجدداً  ومجدداً ومجدداً ، دع ذلك الوحش الصغير يمل أمام عزيمتك :)
ماذا ستكسب بتغلبك على وحشك الصغير ؟
- الرضا عن النفس والثقة .
- المتعة في تجربة اشياء لم تجربها مسبقاً .
- لن يكون لك نقطة ضعف لـ تستغل من قبل منافسيك .
- ستنجز بشكل أفضل وأفضل وأفضل .
- اليست الفكرة بحد ذاتها مثيرة ، ومحمسة للتجربة ؟
- وهناك الكثيـــــر :)  
ما الذي لا يندرج تحت هذه التدوينة ؟؟
- الخوف من الأمور الطبيعية والتي من المفترض ان تخاف منها ، الخوف من الله عز وجل ، من النار ، من المعصية .. من الـمهلكات " حيوانات مفترسة ، المرض ، الكوارث الطبيعية " .. !
- من الأمور التي لا ينبغي مواجهتها برأيي – أفلام الرعب مثلاً ! أعتقد أن سبب وجودها أساساً – ماله داعي !! ما المتعة في أن افزع نفسي اساساً بمشاهدتها ؟؟
إلاسلآم قبل كل شيء ..
بـالطبع فكرة المواجهة للتغلب على الفوبيا .. هو حديث علمي قد اكتشف منذ فترة .. ولكن كعادة إسلآمنا المتكامل يـحوي هذا المعنى منذ فترة طويــلة جداً ..
|| يقول الإمام علي بن ابي طالب " إن هبت شيئا فقع عليه؛ فإن شدة توقيه أعظم من الوقوع عليه" 
مقولة عظيمة تتلخص فيها كل الحقائق العلمية =)
الحمد لله على نعمة الإسلآم ..

فـ مَعاً .. لنحارب وحوشنا اللطيفة الصغيرة – الشريرة =)
أتمنى ان تكون التدوينة مفيدة .. ولو قليلاً ..
تمنياتي لكل وحوشكم الصغيرة أن تعود لمـوطنها الأصلي .. وَ تترككم تستمتعون =)
يَوم ســعيد .. 
حُييــتم 

كُن سَعيدًا =) ♥





” إن السعادة تنتقل بالعدوى،لآ تنتظر عدوى أحد ، كن حاملاً لهذا الميكروب “


*أنيس منصور،كم أه